يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم - 178. ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون - 179.
(بيان) قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر، في توجيه الخطاب إلى المؤمنين خاصة إشارة إلى كون الحكم خاصا بالمسلمين، وأما غيرهم من أهل الذمة وغيرهم فالآية ساكتة عن ذلك.
ونسبة هذه الآية إلى قوله تعالى: (أن النفس بالنفس) المائدة - 48، نسبة التفسير، فلا وجه لما ربما يقال، إن هذه الآية ناسخة لتلك الآية فلا يقتل حر بعبد ولا رجل بمرأة.
وبالجملة القصاص مصدر، قاص يقاص، من قص أثره إذا تبعه ومنه القصاص لمن يحدث بالآثار والحكايات كأنه يتبع آثار الماضين فتسمية القصاص بالقصاص لما فيه من متابعة الجاني في جنايته فيوقع عليه مثل ما أوقعه على غيره.
قوله تعالى: فمن عفي له من أخيه شئ، المراد بالموصول القاتل، والعفو للقاتل إنما يكون في حق القصاص فالمراد بالشئ هو الحق، وفي تنكيره تعميم للحكم أي أي حق كان سواء كان تمام الحق أو بعضه كما إذا تعدد أولياء الدم فعفى بعضهم حقه للقاتل فلا قصاص حينئذ بل الدية، وفي التعبير عن ولي الدم بالأخ إثارة لحس المحبة والرأفة وتلويح إلى أن العفو أحب.