كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا، وأزينهم رياشا، فيقول: بشر بروح من الله وريحان وجنة نعيم، قد قدمت خير مقدم، فيقول: من أنت؟ فيقول:
أنا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وإنه ليعرف غاسلة، ويناشد حامله أن يعجله. فإذا دخل قبره أتاه ملكان، وهما فتانا القبر، يحبران أشعارهما، ويحبران الأرض بأنيابهما، وأصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، فيقولان له: من ربك، ومن نبيك؟ وما دينك؟ فيقول: الله ربي، ومحمد نبيي، والاسلام ديني، فيقولان: ثبتك الله فيما تحب وترضى، وهو قول الله: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا الآية، فيفسحان له في قبره مد بصره، ويفتحان له بابا إلى الجنة، ويقولان: نم قرير العين نوم الشاب الناعم، وهو قوله: أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا.
وإذا كان لربه عدوا فإنه يأتيه أقبح خلق الله رياشا، وأنتنه ريحا، فيقول له أبشر بنزل من حميم، وتصلية جحيم، وإنه ليعرف غاسله، ويناشد حامله أن يحبسه، فإذا أدخل قبره أتيا ممتحنا القبر، فألفيا عنه أكفانه ثم قالا له، من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك؟ فيقول: لا أدري فيقولان له: ما دريت ولا هديت، فيضربانه بمرزبه ضربة، ما خلق الله دابة إلا وتذعر لها ما خلا الثقلان، ثم يفتحان له بابا إلى النار، ثم يقولان له: نم بشر حال، فيبوء من الضيق مثل ما فيه القنا من الزج، حتى أن دماغه يخرج من بين ظفره ولحمه، ويسلط الله عليه حياة الأرض وعقاربها وهوامها تنهشه حتى يبعثه الله من قبره، وأنه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر.
وفي منتخب البصائر عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يسئل في القبر إلا من محض الايمان محضا، أو محض الكفر محضا فقلت له: فسائر الناس؟
فقال: يلهى عنهم.
وفي أمالي الشيخ عن ابن ظبيان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: ما يقول الناس في أرواح المؤمنين بعد موتهم؟ قلت: يقولون في حواصل طيور خضر؟
فقال: سبحان الله، المؤمن أكرم على الله من ذلك! إذا كان ذلك أتاه رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليه السلام، ومعهم ملائكة الله عز وجل المقربون، فان