براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين) الزخرف - 27، وقال تعالى: (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام) هود - 69، والقصة - وهي تتضمن مشاهدة الملك وتكليمه - واقعة في حال كبر إبراهيم عليه السلام بعد مفارق أباه وقومه.
وقوله عليه السلام: إن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، يستفاد ذلك من قوله تعالى: (واتبع ملة إبراهيم حنيفا، واتخذ الله إبراهيم خليلا) النساء - 125، فإن ظاهره انه إنما اتخذه خليلا لهذه الملة الحنيفية التي شرعها بأمر ربه إذ المقام مقام بيان شرف ملة إبراهيم الحنيف التي تشرف بسببها إبراهيم عليه السلام بالخلة والخليل أخص من الصديق فإن أحد المتحابين يسمى صديقا إذا صدق في معاشرته ومصاحبته ثم يصير خليلا إذا قصر حوائجه على صديقه، والخلة الفقر والحاجة.
وقوله عليه السلام: وان الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما، الخ يظهر معناه مما تقدم من البيان.
وقوله: قال لا يكون السفيه امام التقى إشارة إلى قوله تعالى، (ومن يرغب عن ملة إبراهيم الا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وانه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) البقرة - 131، فقد سمى الله سبحانه الرغبة عن ملة إبراهيم وهو الظلم سفها، وقابلها بالاصطفاء، وفسر الاصطفاء بالاسلام، كما يظهر بالتدبر في قوله: (إذ قال له ربه أسلم) ثم جعل الاسلام والتقوى واحدا أو في مجرى واحد في قوله: (اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون) آل عمران - 102، فافهم ذلك.
وعن المفيد عن درست وهشام عنهم (ع) قال: قد كان إبراهيم نبيا وليس بإمام، حتى قال الله تبارك وتعالى: (اني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي) فقال الله تبارك وتعالى: لا ينال عهدي الظالمين، من عبد صنما أو وثنا أو مثالا، لا يكون إماما.
أقول: وقد ظهر معناه مما مر.
وفي أمالي الشيخ مسندا، وعن مناقب ابن المغازلي مرفوعا عن ابن مسعود عن