أقول: يمكن أن يستفاد مضمون الروايتين من قوله حكاية عن الملائكة: ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك إلى قوله: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
وسيجئ أن العرش هو العلم، وبذلك وردت الروايات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام فافهم ذلك، وعلى هذا كان المراد من قوله تعالى: وكان من الكافرين، قوم إبليس من الجان المخلوقين قبل الانسان. قال تعالى: (ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حماء مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم) الحجر - 27، وعلى هذه الرواية فنسبة الكتمان إلى جميع الملائكة لا تحتاج إلى عناية زائدة، بل هي على حقيقته، فإن المعنى المكتوم خطر على قلوب جميع الملائكة، ولا منافاة بين هذه الرواية وما تفيد أن المكتوم هو ما كان يكتمه إبليس من الاباء عن الخضوع لآدم، والاستكبار لو دعي إلى السجود، لجواز استفادة الجميع كما هو كذلك.
وفي قصص الأنبياء عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: سجدت الملائكة ووضعوا أجباههم على الأرض؟ قال: نعم تكرمة من الله تعالى وفي تحف العقول قال: إن السجود من الملائكة لآدم إنما كان ذلك طاعة لله ومحبة منهم لادم.
وفي الاحتجاج عن موسى بن جعفر عن آبائه: إن يهوديا سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مقابلة معجزات الأنبياء، فقال: هذا آدم أسجد الله له ملائكته، فهل فعل بمحمد شيئا من هذا؟ فقال علي: لقد كان ذلك، ولكن أسجد الله لآدم ملائكته، فإن سجودهم لم يكن سجود طاعة انهم عبدوا آدم من دون الله عز وجل، ولكن اعترافا لآدم بالفضيلة ورحمة من الله له ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله جل وعلا صلى عليه في جبروته والملائكة بأجمعها، وتعبد المؤمنون بالصلاة عليه فهذه زيادة له يا يهودي.
وفي تفسير القمي: خلق الله آدم فبقي أربعين سنة مصورا، وكان يمر به إبليس اللعين فيقول: لأمر ما خلقت؟ فقال: العالم، فقال إبليس: (لئن أمرني الله