من النسخ في شئ، وقد ألغيت المعاهدة بين المسلمين والمشركين في سورة التوبة وأمهلوا أربعة أشهر ليتخيروا إما الاسلام، وإما الخروج عن بلاد المسلمين، وعلى ذلك فلم يبق موضوع للاستجارة التي ذكرتها الآية.
2 - مجيئهم إلى المسلمين، وقد حصرت صدورهم عن القتال، مع اعتزالهم، والقائهم السلم إلى المسلمين بعد الردة، والمراد بإلقاء السلم إظهار الاسلام، والاقرار بالشهادتين، ويشهد لهذا قوله تعالى:
" ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا 4: 94 ".
فالآية دالة على قبول المرتد الملي إذا أظهر التوبة والاسلام، وانه لا يقتل بعد التوبة، وقد استقر على هذا مذهب الإمامية: ولم ترد في القرآن آية تدل على وجوب قتل المرتد على الاطلاق، لتكون ناسخة لذلك.
أما إذا أراد القائل بالنسخ: أن يتمسك في نسخ الآية بما دل على قتال المشرك والكافر، فمن الواضح أن ذلك مشروط ببقاء موضوعه، على ما هي القاعدة المتبعة في كل قضية حقيقية في الأحكام الشرعية وغيرها. نعم ورد الامر بقتل المرتد على الاطلاق في بعض روايات أهل السنة، فقد روى البحاري، وأحمد، والترمذي، والنسائي، وأبو داود السجستاني، وابن ماجة عن بن عباس عن رسول الله - ص - أنه قال: " من بدل دينه فاقتلوه " (1). إلا أنه لا خلاف بين المسلمين في أن هذا الحكم مقيد بعدم التوبة، وإن وقع الخلاف بينهم في المدة التي يستتاب فيها، وفي وجوب الاستتابة واستحبابها. فالمشهور بين الامامية أنه واجب، وأنه لا يحد بمدة مخصوصة، بل يستتاب مدة يمكن منه الرجوع فيها إلى الاسلام، وقيل يستتاب ثلاثة أيام، ونسب ذلك إلى بعض الامامية،