الجواب:
إن القرآن أنزل لهداية البشر، وسوقهم إلى سعادتهم في الأولى والأخرى، وليس هو بكتاب تاريخ، أو فقه، أو أخلاق. أو ما يشبه ذلك ليعقد لكل من هذه الجهات بابا مستقلا. ولا ريب في أن أسلوبه هذا أقرب الأساليب إلى حصول النتيجة المقصودة، فإن القارئ لبعض سور القرآن يمكنه أن يحيط بكثير من أغراضه، وأهدافه في أقرب وقت وأقل كلفة، فيتوجه نظره إلى المبدأ والمعاد، ويطلع على أحوال الماضين فيعتبر بهم. ويستفيد من الأخلاق الفاضلة، والمعارف العالية، ويتعلم جانبا من أحكامه في عباداته ومعاملاته.
كل ذلك مع حفظ نظام الكلام، وتوفية حقوق البيان، ورعاية مقتضى الحال.
وهذه الفوائد لا يمكن حصولها من القرآن إذا كان مبوبا، لان القارئ لا يحيط بأغراض القرآن إلا حين يتم تلاوة القرآن جميعه، وقد يعوقه عائق عن الاتمام فلا يستفيد إلا من باب أو بابين.
ولعمري أن هذه إحدى الجهات المحسنة لأسلوب القرآن، الذي حاز به الجمال والبهاء، فإنه مع انتقاله من موضوع إلى موضوع يتحفظ على كمال الربط بينهما، كأن كل جملة منه درة في عقد منتظم، ولكن بغض الاسلام أعمى بصر هذا المستشكل وأصم سمعه، حتى توهم الجمال قبحا، والمحاسن مساوئ. على أن القرآن قد كرر بعض القصص مرارا بعبارات مختلفة، حسب المناسبات المقتضية للتكرار، فلو جمعت تلك العبارات كلها في باب واحد لا نتفت تلك الفائدة الملحوظة، وكان التكرار لغير فائدة ملموسة للقارئ.
سخافات وخرافات:
ذكر كاتب رسالة " حسن الايجاز " (1) في رسالته هذه أنه يمكن معارضة