بخبر الواحد وإلا فلا. وذهب القاضي أبو بكر إلى الوقف (1).
والذي نختاره:
هو القول المشهور. والدليل على ذلك أن الخبر - كما فرضنا - قطعي الحجية، ومقتضى ذلك أنه يجب العمل بموجبه ما لم يمنع منه مانع.
شبهات وأقوال:
وما توهم منعه عن ذلك أمور لا تصلح للمنع:
1 - قالوا: إن الكتاب العزيز كلام الله العظيم المنزل على نبيه الكريم، وذلك قطعي لا شبهة فيه. وأما خبر الواحد فلا يقين بمطابقته للواقع، ولا بصدور مضمونه عن المعصوم إذ لا أقل من احتمال اشتباه الراوي. والعقل لا يجوز أن ترفع اليد عن أمر مقطوع به لدليل يحتمل فيه الخطأ.
والجواب عن ذلك:
أن الكتاب - وإن كان قطعي الصدور - إلا أنه لا يقين بأن الحكم الواقعي على طبق عموماته، فإن العمومات إنما وجب العمل على طبقها من أجل أنها ظاهر الكلام، وقد استقرت العقلاء على حجية الظواهر، ولم يردع الشارع على اتباع هذه السيرة. ومن البين أن سيرة العقلاء على حجية الظاهر مختصة بما إذا لم تقم قرينة على خلاف الظهور، سواء أكانت القرينة متصلة أم كانت منفصلة، فإذا نهضت القرينة على الخلاف وجب رفع اليد عن الظاهر، والعمل على وفق القرينة. وإذن فلا مناص من تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد بعد قيام الدليل القطعي على حجيته. فإن معنى ذلك أن مضمون الخبر صادر عن المعصومين تعبدا. وإن شئت فقل: إن سند الكتاب العزيز - وإن كان قطعيا - إلا أن دلالته ظنية، ولا محذور بحكم العقل في أن ترفع اليد عن الدلالة الظنية لدليل ظني آخر ثبتت حجيته بدليل قطعي.