صاحب اليد لما في يده، فهم يرتبون له آثار المالكية، وهم يخبرون عن كونه مالكا للشئ بلا نكير، ولم يثبت من الشارع ردع لهذه السيرة العقلائية المستمرة.
نعم يعتبر في الخبر الموثوق به، وفى غيره من الطرق المعتبرة أن يكون جامعا لشرائط الحجية، ومنها أن لا يكون الخبر مقطوع الكذب، فإن مقطوع الكذب لا يعقل أن يشمله دليل الحجية والتعبد، وعلى ذلك فالاخبار التي تكون مخالفة للاجماع، أو للسنة القطعية، أو الكتاب، أو الحكم العقلي الصحيح لا تكون حجة قطعا، وإن استجمعت بقية الشرائط المعتبرة في الحجية. ولا فرق في ذلك بين الاخبار المتكفلة لبيان الحكم الشرعي، وغيرها.
والسر في ذلك: أن الراوي مهما بلغت به الوثاقة، فإن خبره غير مأمون من مخالفة الواقع، إذ لا أقل من احتمال اشتباه الامر عليه، وخصوصا إذا كثرت الوسائط، فلا بد من التشبث بدليل الحجية في رفع هذا الاحتمال، وفرضه كالمعدوم. وأما القطع بالخلاف، وبعدم مطابقة الخبر للواقع فلا يعقل التعبد بعدمه، لان كاشفية القطع ذاتية، وحجيته ثابتة بحكم العقل الضروري.
وإذن فلا بد من اختصاص دليل الحجية بغير الخبر الذي يقطع بكذبه وبمخالفته للواقع، وهكذا الشأن في غير الخبر من الطرق المعتبرة الأخرى التي تكشف عن الواقع، وهذا باب تنفتح منه أبواب كثيرة، وبه يجاب عن كثير من الاشكالات والاعتراضات فلتكن على ذكر منه.
تخصيص القرآن بخبر الواحد:
إذا ثبتت حجية الخبر الواحد بدليل قطعي فهل يخصص به عموم ما ورد في الكتاب العزيز؟ ذهب المشهور إلى جواز ذلك، وخالف فيه فريق من علماء أهل السنة، فمنعه بعضهم على الاطلاق. وقال عيسى بن أبان: إن كان العام الكتابي قد خص - من قبل - بدليل مقطوع به جاز تخصيصه بخبر الواحد وإلا لم يجز. وقال الكرخي: إذا خص العام بدليل منفصل جاز تخصيصه بعد ذلك