6 - أحاديث الجمع والتحريف بالزيادة!
إن هذه الروايات لو صحت، وأمكن الاستدلال بها على التحريف من جهة النقص، لكان اللازم على المستدل أن يقول بالتحريف من جهة الزيادة في القرآن أيضا، لان كيفية الجمع المذكورة تستلزم ذلك، ولا يمكن له أن يعتذر عن ذلك بأن حد الاعجاز في بلاغة القرآن يمنع من الزيادة عليه، فلا تقاس الزيادة على النقيصة، وذلك لان الاعجاز في بلاغة القرآن وإن كان يمنع عن الاتيان بمثل سورة من سوره، ولكنه لا يمنع من الزيادة عليه بكلمة أو بكلمتين، بل ولا بآية كاملة، ولا سيما إذ أكانت قصيرة، ولولا هذا الاحتمال لم تكن حاجة إلى شهادة شاهدين، كما في روايا ت الجمع المتقدمة، فإن الآية التي يأتي بها الرجل تثبت نفسها أنها من القرآن أو من غيره. وإذن فلا مناص للقائل بالتحريف من القول بالزيادة أيضا وهو خلاف إجماع المسلمين.
وخلاصة ما تقدم، أن إسناد جمع القرآن إلى الخلفاء أمر موهوم، مخالف للكتاب، والسنة، والاجماع، والعقل، فلا يمكن القائل بالتحريف أن يستدل به على دعواه، ولو سلمنا أن جامع القرآن هو أبو بكر في أيام خلافته، فلا ينبغي الشك في أن كيفية الجمع المذكورة في الروايات المتقدمة مكذوبة، وأن جمع القرآن كان مستندا إلى التواتر بين المسلمين، غاية الأمر أن الجامع قد دون في المصحف ما كان محفوظا في الصدور على نحو التواتر.
نعم لا شك أن عثمان قد جمع القرآن في زمانه، لا بمعنى أنه جمع الآيات والسور في مصحف، بل بمعنى أنه جمع المسلمين على قراءة إمام واحد، وأحرق