والجواب:
أن هذا العلم الاجمالي إنما يكون سببا للمنع عن الاخذ بالظواهر، إذا أريد العمل بها قبل الفحص عن المراد، وأما بعد الفحص والحصول على المقدار الذي علم المكلف بوجوده إجمالا بين الظواهر، فلا محالة ينحل العلم الاجمالي، ويسقط عن التأثير، ويبقى العمل بالظواهر بلا مانع. ونظير هذا يجري في السنة أيضا، فإنا نعلم بورود مخصصات لعموماتها، ومقيدات لمطلقاتها، فلو كان العلم الاجمالي مانعا عن التمسك بالظواهر حتى بعد انحلاله لكان مانعا عن العمل بظواهر السنة أيضا، بل ولكان مانعا عن إجراء أصالة البراءة في الشبهات الحكمية، الوجوبية منها والتحريمية، فإن كل مكلف يعلم بوجود تكاليف إلزامية في الشريعة المقدسة، ولازم هذا العلم الاجمالي وجوب الاحتياط عليه في كل شبهة تحريمية، أو وجوبية يقع فيها مع أن الاحتياط ليس بواجب فيها يقينا. نعم ذهب جمع كثير من المحدثين إلى وجوب الاحتياط في موارد الشبهات التحريمية، إلا أن ذلك نشأ من توهمهم أن الروايات الامرة بالتوقف أو الاحتياط تدل على وجوب الاحتياط والتوقف في موارد تلك الشبهات. وليس قولهم هذا ناشئا من العلم الاجمالي بوجود التكاليف الالزامية في الشريعة المقدسة، وإلا لكان اللازم عليهم القول بوجوب الاحتياط حتى في الشبهات الوجوبية، مع أنه لم يذهب إلى وجوبه فيها أحد فيما نعلم. والسر في عدم وجوب الاحتياط في هذه الموارد وفي أمثالها واحد، وهو أن العلم الاجمالي قد انحل بسبب الظفر بالمقدار المعلوم، وبعد انحلاله يسقط عن التأثير. ولتوضيح ذلك يراجع كتابنا " أجود التقريرات ".
5 - المنع عن اتباع المتشابه:
إن الآيات الكريمة قد منعت عن العمل بالمتشابه، فقد قال الله تعالى: