وذكر بعضهم: ان تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات، وانه لم يقع لاحد من أئمة الأصوليين تصريح بتواتر القراءات وتوقف تواتر القرآن على تواترها، كما وقع لابن الحاجب (1). قال الزركشي في البرهان: للقرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم للبيان والاعجاز، والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف، وكيفيتها من تخفيف وتشديد غيرهما، والقراءات السبع متواترة عند الجمهور، وقيل بل هي مشهورة.
وقال أيضا: والتحقيق انها متواترة عن الأئمة السبعة. أما تواترها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ففيه نظر، فإن اسنادهم بهذه القراءات السبع موجود في كتب القراءات، وهي نقل الواحد عن الواحد (2).
القراءات والأحرف السبعة:
قد يتخيل أن الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن هي القراءات السبع، فيتمسك لاثبات كونها من القرآن بالروايات التي دلت على أن القرآن نزل على سبعة أحرف، فلا بد لنا أن ننبه على هذا الغلط، وان ذلك شئ لم يتوهمه أحد من العلماء المحققين. هذا إذا سلمنا ورود هذه الروايات، ولم نتعرض لها بقليل ولا كثير. وسيأتي الكلام على هذه الناحية.
والأولى أن نذكر كلام الجزائري في هذا الموضع. قال:
" لم تكن القراءات السبع متميزة عن غيرها، حتى قام الإمام أبو بكر أحمد ابن موسى بن العباس بن مجاهد - وكان على رأس الثلاثمائة ببغداد - فجمع قراءات سبعة من مشهوري أئمة الحرمين والعراقين والشام، وهم: نافع، وعبد الله ابن كثير، وأبو عمرو بن العلاء، وعبد الله بن عامر، وعاصم وحمزة، وعلي