أيضا تحكم باطل. ولا سيما أن في غير القراء السبعة من هو أعظم منهم وأوثق، كما اعترف به بعضهم، وستعرف ذلك. ولو سلمنا أن القراء السبعة أو ثق من غيرهم، وأعرف بوجوه القراءات، فلا يكون هذا سببا لتخصيص التواتر بقراءاتهم دون غيرهم. نعم ذلك يوجب ترجيح قراءاتهم على غيرها في مقام العمل، وبين الامرين بعد المشرقين، والحكم بتواتر جميع القراءات باطل بالضرورة.
2 - ان الاختلاف في القراءة إنما يكون سببا لالتباس ما هو القرآن بغيره، وعدم تميزه من حيث الهيئة أو من حيث الاعراب، وهذا لا ينافي تواتر أصل القرآن، فالمادة متواترة وإن اختلف في هيئتها أو في إعرابها، وإحدى الكيفيتين أو الكيفيات من القرآن قطعا وإن لم تعلم بخصوصها.
تعقيب:
ومن الحق إن تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات. وقد اعترف بذلك الزرقاني حيث قال: يبالغ بعضهم في الإشادة بالقراءات السبع، ويقول من زعم أن القراءات السبع لا يلزم فيها التواتر فقوله كفر، لأنه يؤدي إلى عدم تواتر القرآن جملة، ويعزى هذا الرأي إلى مفتي البلاد الأندلسية الأستاذ أبي سعيد فرج ابن لب، وقد تحيس لرأيه كثيرا وألف رسالة كبيرة في تأييد مذهبه. والرد على من رد عليه، ولكن دليلة الذي استند إليه لا يسلم. فإن القول بعدم تواتر القراءات السبع لا يستلزم القول بعدم تواتر القرآن، كيف وهناك فرق بين القرآن والقراءات السبع، بحيث يصح أن يكون القرآن، متواترا في غير القراءات السبع، أو في القدر الذي اتفق عليه القراء جميعا. أو في القدر الذي اتفق عليه عدد يؤمن تواطؤهم على الكذب قراء كانوا أو غير قراء (1).