قال أبو شامة:
" ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل " (1).
وبهذا الاستعراض قد استبان للقارئ، وظهر له ظهورا تاما أن القراءات ليست متواترة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولا عن القراء أنفسهم، من غير فرق بين السبع وغيرها، ولو سلمنا تواترها عن القراء فهي ليست متواترة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قطعا. فالقراءات إما أن تكون منقولة بالآحاد، وإما أن تكون اجتهادات من القراء أنفسهم، فلا بد لنا من البحث في موردين:
1 - حجية القراءات:
ذهب جماعة إلى حجية هذه القراءات، فجوزوا أن يستدل بها على الحكم الشرعي، كما استدل على حرمة وطئ الحائض بعد نقائها من الحيض وقبل أن تغتسل، بقراءة الكوفيين - غير حفص - قوله تعالى: " ولا تقربوهن حتى يطهرن " بالتشديد.
الجواب:
ولكن الحق عدم حجية هذه القراءات، فلا يستدل بها على الحكم الشرعي.
والدليل على ذلك أن كل واحد من هؤلاء القراء يحتمل فيه الغلط والاشتباه، ولم يرد دليل من العقل، ولا من الشرع على وجوب اتباع قارئ منهم بالخصوص، وقد استقل العقل، وحكم الشرع بالمنع عن اتباع غير العلم. وسيأتي توضيح ذلك إن شاء الله تعالى.