4 - مخالفة أحاديث الجمع من حكم العقل!
إن هذه الروايات مخالفة لحكم العقل، فإن عظمة القرآن في نفسه، واهتمام النبي - ص - بحفظه وقراءته، واهتمام المسلمين بما يهتم به النبي - ص - وما يستوجبه ذلك من الثواب، كل ذلك ينافي جمع القرآن على النحو المذكور في تلك الروايات، فإن في القرآن جهات عديدة كل واحدة منها تكفي لان يكون القرآن موضعا لعناية المسلمين، وسببا لاشتهاره حتى بين الأطفال والنساء منهم، فضلا عن الرجال. وهذه الجهات هي:
1 - بلاغة القرآن: فقد كانت العرب تهتم بحفظ الكلام البليغ، ولذلك فهم يحفظون أشعار الجاهلية وخطبها، فكيف بالقرآن الذي تحدى ببلاغته كل بليغ، وأخرس بفصاحته كل خطيب لسن، وقد كانت العرب بأجمعهم متوجهين إليه، سواء في ذلك مؤمنهم وكافرهم، فالمؤمن يحفظه لايمانه، والكافر يتحفظ به لأنه يتمنى معارضته، وإبطال حجته.
2 - إظهار النبي - ص - رغبته بحفظ القرآن، والاحتفاظ به: وكانت السيطرة والسلطة له خاصة، والعادة تقضي بأن الزعيم إذا أظهر رغبته بحفظ كتاب أو بقراءته فإن ذلك الكتاب يكون رائجا بين جميع الرعية، الذين يطلبون رضاه لدين أو دنيا.
3 - إن حفظ القرآن سبب لارتفاع شأن الحافظ بين الناس، وتعظيمه عندهم: فقد علم كل مطلع على التاريخ ما للقراء والحفاظ من المنزلة الكبيرة، والمقام الرفيع بين الناس، وهذا أقوى سبب لاهتمام الناس بحفظ القرآن جملة، أو بحفظ القدر الميسور منه.
4 - الأجر والثواب الذي يستحقه القارئ والحافظ بقراءة القرآن وحفظه:
هذه أهم العوامل التي تبعث على حفظ القرآن والاحتفاظ به، وقد كان المسلمون