يحتاج في إثبات هذه النتيجة إلى دعوى العلم الاجمالي باختلال الظواهر في بعض الآيات، حتى يجاب عنه بأن وقوع التحريف في القرآن لا يلزمه العلم الاجمالي المذكور، وبأن هذا العلم الاجمالي لا ينجز، لان بعض أطرافه ليس من آيات الاحكام، فلا يكون له أثر في العمل، والعلم الاجمالي إنما ينجز إذا كان له أثر عملي في كل طرف من أطرافه.
وقد يدعي القائل بالتحريف: أن إرشاد الأئمة المعصومين - عليهم السلام - إلى الاستدلال بظواهر الكتاب، وتقرير أصحابهم عليه قد أثبت الحجية للظواهر، وإن سقطت قبل ذلك بسبب التحريف.
ولكن هذه الدعوى فاسدة، فإن هذا الارشاد من الأئمة المعصومين عليهم السلام، وهذا التقرير منهم لأصحابهم على التمسك بظواهر القرآن، إنما هو من جهة كون القرآن في نفسه حجة مستقلة، لا أنهم يريدون إثبات الحجية له بذلك ابتداء.
ترخيص قراءة السور في الصلاة:
الدليل الرابع: انه قد أمر الأئمة من أهل البيت - ع - بقراءة سورة تامة بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين من الفريضة، وحكموا بجواز تقسيم سورة تامة أو أكثر في صلاة الآيات، على تفصيل مذكور في موضعه.
ومن البين أن هذه الأحكام إنما ثبتت في أصل الشريعة بتشريع الصلاة وليس للتقية فيها أثر، وعلى ذلك فاللازم على القائلين بالتحريف أن لا يأتوا بما يحتمل فيه التحريف من السور، لان الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية.
وقد يدعي القائل بالتحريف أنه غير متمكن من إحراز السورة التامة، فلا تجب عليه، لا الاحكام إنما تتوجه إلى المتمكنين، وهذه الدعوى إنما تكون مسلمة إذا احتمل وقوع التحريف في جميع السور.