أضف إلى ذلك أن الآيتين الكريمتين المتقدمتين قد دلتا على صحة العبادة إذا صدرت عن خوف أو طمع. فقد مدح الله سبحانه من يدعوه خوفا أو طمعا وذلك يقتضي محبوبية هذا العمل وأنه مما أمر به الله تعالى وأنه يكفي في مقام الامتثال. وقد ورد عن المعصومين عليهم السلام ما يدل على صحة العبادة إذا كانت ناشئة من خوف أو طمع (1).
وقد أوضحنا - فيما تقدم - أن الآيات السابقة من هذه السورة قد حصرت الحمد في الله تعالى من جهة كماله الذاتي، ومن جهة ربوبيته ورحمته، ومن جهة سلطانه وقدرته، فتكون فيها إشارة إلى منا شئ العبادة ودواعيها أيضا، فالعبادة إما ناشئة من إدراك العابد كمال المعبود واستحقاقه العبادة بذاته وهي عبادة الأحرار، وإما من إدراكه إنعام المعبود وإحسانه وطمعه في ذلك وهي عبادة الاجراء، وإما من إدراكه سطوته وقهره وعقابه وهي عبادة العبيد.
حصر الاستعانة بالله:
لا مانع من استعانة الانسان في مقاصده بغير الله من المخلوقات أو الافعال قال الله تعالى:
" واستعينوا بالصبر والصلاة 2: 45. وتعاونوا على البر والتقوى 5: 2. قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة 18: 95 ".
وإذن فليست الاستعانة بمطلقها تنحصر بالله سبحانه بل المراد منها استعداد القدرة على العبادة منه تعالى، والاستزادة من توفيقه لها حتى تتم وتخلص