وإتماما للحجة عليهم. فقد ظهر لهم ولغيرهم بذلك أن الصحابة كلهم آثروا المال على مناجاة الرسول الأكرم، ولم يعمل بالحكم غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. وترك المناجاة وإن لم يكن معصية لله سبحانه، لان المناجاة بنفسها لم تكن واجبة، ووجوب الصدقة كان مشروطا بالنجوى، فإذا لم تحصل النجوى فلا وجوب للصدقة ولا معصية في ترك المناجاة، إلا أنه يدل على أن من ترك المناجاة يهتم بالمال أكثر من اهتمامه بها.
حكمة تشريع صدقة النجوى:
وفي نسخ هذا الحكم بعد وضعه ظهرت حكمة التشريع، وانكشفت منة الله على عباده، وبان عدم اهتمام المسلمين بمناجاة النبي الأكرم، وعرف مقام أمير المؤمنين عليه السلام من بينهم. وهذا الذي ذكرناه يقتضيه ظاهر الكتاب، وتدل عليه أكثر الروايات. وأما إذا كان الامر بتقديم الصدقة بين يدي النجوى أمرا صوريا امتحانيا - كأمر إبراهيم بذبح ولده - فالآية الثانية لا تكون ناسخة للآية الأولى نسخا اصطلاحيا، بل يصدق على رفع ذلك الحكم الامتحاني:
النسخ بالمعنى اللغوي.
ونقل الرازي عن أبي مسلم: أنه جزم بكون الامر امتحانيا، لتمييز من آمن إيمانا حقيقيا عمن بقي على نفاقه فلا نسخ. وقال الرازي: " وهذا الكلام حسن ما به بأس " (1).
وقال الشيخ شرف الدين: إن محمد بن العباس ذكر في تفسيره سبعين حديثا من طريق الخاصة والعامة تتضمن أن المناجي للرسول هو أمير المؤمنين عليه السلام دون الناس أجمعين... ونقلت من مؤلف شيخنا أبي جعفر الطوسي هذا الحديث ذكره أنه في جامع الترمذي، وتفسير الثعلبي بإسناده عن علقمة الأنماوي يرفعه إلى علي عليه السلام أنه قال: