- ص - وقد عرفت - فيما تقدم - أن إباحته استمرت حتى إلى مدة من عهد عمر.
ومن الغريب: أن يصرح - هنا - انه لم يقصد غير بيان الحق، وانه لا يتعصب لمذهب، ثم يجره التعصب إلى أن يشنع على ما ثبت في الشرع الاسلامي بنص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وإن وقع الاختلاف بينهم في نسخه واستمراره. أضف إلى ذلك أن انتقال المرأة من رجل إلى رجل لو كان قبيحا لكان ذلك مانعا عن طلاق المرأة في العقد الدائم، لتنتقل إلى عصمة رجل آخر، وعن انتقال المرأة بملك اليمين، ولم يستشكل في ذلك أحد من المسلمين، إلا أن صاحب المنار في مندوحة عن هذا الاشكال، لأنه يرى المنع من الاسترقاق، وأن في تجويزه مفاسد كثيرة، وزعم أن العلماء الأعلام أهملوا ذكر ذلك، وذهب إلى بطلان العقد الدائم، إذا قصد الزوج من أول الأمر الطلاق بعد ذلك، وخالف في ذلك فتاوى فقهاء المسلمين.
ومن الغريب أيضا: ما وجه به نسبة عمر تحريم المتعة إلى نفسه، فإنه لا ينهض ذلك بما زعمه، فإن بيان عمر للتحريم إما أن يكون اجتهادا منه على خلاف قول النبي - ص -، وإما أن يكون اجتهادا منه بتحريم النبي إياها، وإما أن يكون رواية منه للتحريم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أما احتمال أن يكون قوله رواية عن النبي فلا يساعد عليه نسبة التحريم، والنهي إلى نفسه في كثير من الروايات. على أنه إذا كان رواية، كانت معارضة بما تقدم من الروايات الدالة على بقاء إباحة المتعة إلى مدة غير يسيرة من خلافة عمر، وأين كان عمر أيام خلافة أبي بكر؟ وهلا أظهر روايته لأبي بكر ولسائر المسلمين؟ على أن رواية عمر خبر واحد لا يثبت به النسخ.
وأما احتمال أن يكون قول عمر هذا اجتهادا منه بتحريم النبي نكاح المتعة فهو أيضا لا معنى له بعد شهادة جماعة من الصحابة بإباحته في زمان رسول الله - ص - إلى وفاته. على أن اجتهاده هذا لا يجدي غيره ممن لم يؤمر باتباع