وروى مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود، فقال:
" لا أزال أحبه، سمعت النبي - ص - يقول: خذوا القرآن من أربعة:
من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأبي بن كعب " (1).
وأخرج النسائي بسند صحيح عن عبد الله بن عمر، قال:
" جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ النبي - ص - فقال: أقرأه في شهر... " (2). وستجئ رواية ابن سعد في جمع أم ورقة القرآن.
ولعل قائلا يقول وإن المراد من الجمع في هذه الروايات هو الجمع في الصدور لا التدوين، وهذا القول دعوى لا شاهد عليها، أضف إلى ذلك أنك ستعرف أن حفاظ القرآن على عهد رسول الله - ص - كانوا أكثر من أن تحصى أسماؤهم، فكيف يمكن حصرهم في أربعة أو ستة؟!! وإن المتصفح لأحوال الصحابة، وأحوال النبي - ص - يحصل له العلم اليقين بأن القرآن كان مجموعا على عهد رسول الله - ص - وأن عدد الجامعين له لا يستهان به. وأما ما رواه البخاري بإسناده عن أنس، قال: مات النبي - ص - ولم يجمع القرآن غير أربعة:
أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، فهو مردود مطروح، لأنه معارض للروايات المتقدمة، حتى لما رواه البخاري بنفسه. ويضاف إلى ذلك أنه غير قابل للتصديق به. وكيف يمكن أن يحيط الراوي بجميع أفراد المسلمين حين وفاة النبي - ص - على كثرتهم، وتفرقهم في البلاد، ويستعلم أحوالهم ليمكنه أن يحصر الجامعين للقرآن في أربعة، وهذه الدعوى تخرص بالغيب، وقول بغير علم.
وصفوة القول: أنه مع هذه الروايات كيف يمكن أن يصدق أن أبا بكر