والله في البدن. واشوقاه إلى مجلس فيه تلاوة بتدبر، وخشية بتذكر.
وصمت بتفكر، وآها لمجلس يذكر فيه الأبرار فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة، لا عند ذكر الصالحين يذكرون بالازدراء واللعنة، كان سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما بالله خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب، وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها رأسا من الضلال قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار ومن لم يكفر فهو أكفر من فرعون، وتعد النصارى مثلنا، والله إن في القلوب شكوك إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة والانحلال، ولا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليا شهوانيا لكنه ينفعك ويجاهد عنك بيده ولسانه وفي الباطن عدو لك، بحاله وقلبه فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربوط خفيف العقل أو عامي كذاب بليد الذهن أو غريب واجم قوي المكر، أو ناشف صالح عديم الفهم، فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل. يا مسلم أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار؟ إلى كم تصدقها وتزدري بالأبرار، إلى كم تعظمها وتصغر العباد، إلى متى تخاللها وتمقت الزهاد، إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح بها والله أحاديث الصحيحين، يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف، والاهدار، أو بالتأويل والإنكار، أما آن لك أن ترعوي؟ أما حان لك أن تتوب وتنيب، أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل. بلى والله ما أذكر أنك تذكر الموت بل تزدري بمن يذكر الموت، فما أظنك تقبل على قولي ولا تصغي إلى وعظي بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات وتقطع لي أذناب الكلام ولا تزال تنتصر حتى أقوالك: والبتة سكت فإذا كان حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد، فكيف يكون حالك عند أعدائك، وأعداؤك والله فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة