والألباب والبصائر والقرآن طافح بذلك والعقل هو المعرف بوجود الله تعالى ووحدته ومبرهن رسالة أنبيائه إذ لا سبيل إلى معرفة إثبات ذلك بالنقل والشرع قد عدل العقل وقبل شهادته، واستدل به في مواضع من كتابه كالاستدلال بالإنشاء على الإعادة وقوله تعالى (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه) ولقد هدم الله تعالى بهذه الآية مباحث الفلاسفة في إنكار المعاد الجسماني واستدل به على التوحيد فقال الله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) وقال تعالى: (وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض) وقال تعالى: (أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض) وقال تعالى: (أنظروا ماذا في السماوات والأرض) وقال تعالى: (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا) وقال تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) فيا خيبة من رد شاهدا قبله الله وأسقط دليلا نصبه الله فهم يلقون مثل هذا ويرجعون إلى أقوال مشايخهم الذين لو سئل أحدهم عن دينه لم يكن له قوة على إثباته وإذا ركض عليه في ميدان التحقيق جاء سكيتا، وقال سمعت الناس يقولون شيئا فقلته وفي صحيح البخاري في حديث الكسوف ما يعرف به حديث هؤلاء في قبورهم وبعد ذلك يقول العقل الذي هو مناط التكليف وحاسب الله تعالى الناس به وقبل شهادته في نصه وأثبت به أصول دينه وقد شهد بخبث هذا المذهب وفساد هذه العقيدة وإنها آلت إلى وصفه تعالى بالنقائص تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وقد نبهت مشايخ الطريق على ما شهد به العقل ونطق به القرآن بأسلوب فهمته الخاصة ولم تنفر منه العامة وبيان ذلك بوجوه.
(البرهان الأول) وهو المقتبس من ذي الحسب الزكي والنسب العلي سيد العلماء ووارث خير الأنبياء جعفر الصادق رضي الله عنه قال: لو كان الله في شئ لكان محصورا، وتقرير هذه الدلالة أنه لو كان في جهة لكان مشارا إليه بحسب الحس وهم يعلمون ذلك ويجوزون الإشارة الحسية إليه وإذا كان في جهة مشارا إليه لزم تناهيه وذلك لأنه إذا كان في