والأرض كقوله لا تكسل حولا إلا ما شئت معناه الزيادة على الحول أو أنه لعصاة المؤمنين والذي يدل على التأبيد قوله في الجنة (عطاء غير مجذوذ) فلو لم يكن مؤبدا لكان مقطوعا فيتعين الجمع بين أول الآية وآخرها فبقي يقينا الاستثناء على ظاهر هذا المجاز في قوله (عطاء غير مجذوذ) وليس التجوز فيه بأولى من التجوز في الاستثناء ويرجح التجوز في الاستثناء الأدلة الدالة على التخليد وقوله في النار (إن ربك فعال لما يريد) يناسب الوعيد والزيادة في العذاب ولا يناسب الانقطاع، واعلم أن (ما شاء ربك) ظاهره استثناء مدة زمانية من قوله (ما دامت السماوات والأرض) ويحتمل أن يراد بها ظرف مكان ويكون الاستثناء من الضمير في فيها ويراد به الطبقة العليا التي هي لعصاة المؤمنين فكأنه قال إلا ما شاء ربك من أمكنة جهنم فإن قلت قد قال أبو نضرة: القرآن كله ينتهي إلى هذه الآية (إن ربك فعال لما يريد) قلت: هذا كلام صحيح والله يفعل ما يريد وليس في ذلك أنه يخرج الكفار من النار فإن قلت: قد قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وقتادة الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. قلت صحيح لأن تعيين كل واحد من الأقوال التي حكيناها ضعيف والله أعلم به وبغيره وليس في كلام أبي سعيد وقتادة ما يحتمل خروج الكفار من النار فإن قلت: قد روى الطبراني عن يونس عن ابن أبي ذئب عن ابن زيد في قوله (عطاء غير مجذوذ) قال أخبرنا الذي شاء لأهل الجنة فقال (عطاء غير مجذوذ) ولم يخبر بالذي شاء لأهل النار. قلت: هذا الذي يقتضي أن ابن زيد يقول بعدم الانقطاع لأنه جعل (عطاء غير مجذوذ) هو الذي شاءه وهو الذي بعد الاستثناء فكذا يكون في أهل النار أن الاستثناء لا يدل على الانقطاع ولكنه لم يبين ما بعده بل قال تعالى (إن ربك فعال لما يريد) فإن قلت: فقد قال السدي إنها يوم نزلت كانوا يطمعون في الخروج.
قلت: إن صح هذا عن السدي إنها يوم نزلت كانوا يطمعون في الخروج فهو محمول على أنه حملها على العصاة لأن الطامعين هم المسلمون فإن قلت: قد روى عبد بن حميد في تفسيره عن سليمان بن حرب نا حماد