الآية فقال الله أعلم بالأحقاب فليس فيها عدد إلا الخلود؟ قلت: قول صحيح لا يخالف لما تقدم وتصريحه بالخلود بين مراده فإن قلت: فقد قال هذا المصنف أن قول الحسن حق فإنهم خالدون فيها لا يخرجون منها ما دامت باقية. قلت: قوله أن الحسن حق صحيح وأما فهمه إياه وتفسيره الخلود بعدم الخروج منها ما دامت باقية فليس بصحيح وليس ذلك بخلود فإنك إذا قلت فلان خالد في هذه الدار الفانية لا يصح وحقيقة الخلود التأبيد وقد يستعمل في المكث الطويل مجازا وأما استعماله في الخلود في مكان إلى حين فنائه فهذا معنى ثالث لم يسمع من العرب فإن قلت: ما تقول في قول من قال إن الآية في عصاة المؤمنين قلت:
ضعيف لقوله (إنهم كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كذابا) اللهم إلا أن نجعلها عامة ويكون التعليل ليس للجميع بل لبعضهم وقد يجئ في الكلام الفصيح مثل ذلك أو يراد بالطاغي الكفار فإنها مرصاد لهم والعصاة فيها تبع لهم فجاء قوله (لابثين فيها أحقابا) للتابعين والمتبوعين جميعا ثم جاء التعليل للمتبوعين لأنهم الأصل فإن قلت: قوله تعالى في سورة الأنعام (يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس) إلى قوله (مثواكم النار خالدين فيها إلا ما شاء الله) وأولياؤهم هم الكفار لقوله (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) وقوله في سورة هود في أهل الجنة وأهل النار (إلا ما شاء ربك) على ماذا يحمل إذا كانتا باقيتين؟ قلت: قد تكلم الناس في ذلك وأكثروا وذكر أبو عمرو الداني في تصنيف له في ذلك سبعة وعشرين قولا ليس فيها إن الكفار يخرجون من النار وإنما أقوال أخر منها أنه استثناء المدة التي قبل دخولهم أو الأزمنة التي يكون أهل النار فيها في الزمهرير ونحوه وأهل الجنة فيما هو أعلى منها من رضوان الله وما لا يعلمه إلا هو أو أنه استثناء معلق بالمشيئة وهو لا يشاء خروجهم فهو أبلغ في التأبيد أو أن إلا بمعنى الواو كقوله إلا الفرقدان أو أنها بمعنى سوى حكاه الكوفيون كقوله (إلا ما قد سلف) وقوله (لو كان فيهما آلهة إلا الله) أو أن الاستثناء لما بعد السماوات