يصدق على القليل والكثير وعلى ما لا نهاية له فإن قلت هو جمع قلة لأن أفعالا من جموع القلة قلت قد تجمع القلة بجمع الكثرة وأيضا فالحقب الزمان والزمان يصدق على القليل والكثير فإذا كان المفرد كذلك فما ظنك بالجمع فإن قلت: قد قيل إن الحقب ثمانون سنة السنة ثلاثمائة وستون يوما اليوم كألف سنة مما تعدون اليوم منها كالدنيا كلها. قلت: إذا صح ذلك فغايته الإخبار بأنهم لابثون فيها ذلك ولا يدل على نفي الزيادة إلا بالمفهوم والمنطوق يدل على التأبيد والمنطوق مقدم على المفهوم، هذا إن جعلنا أحقابا آخر الكلام وقد جعله الزجاج وغيره موصوفا بقوله (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا) وعلى هذا لا يبقى فيه متعلق البتة فإن قلت: قد روي عن الحسن الأحقاب لا يدري أحد ما هي ولكن الحقب سبعون ألف سنة اليوم منها كألف سنة مما تعدون. قلت: إن ثبت ذلك عنه يرجع الجواب إلى بعض ما تقدم من الصفة أو إلغاء المفهوم أو أن الذي لا يتناهى يقال إنه لا يدري أحد ما هو وإن كان يدري أنه لا يتناهى فإن دراية عدم العدد يلزم منها عدم دراية العدد فإن قلت: قد قال هذا المصنف أن قول الحسن لا يدري ما هي يقتضي أن لها عددا والله أعلم به ولو كانت لا عدد لها لعلم كل أحد أنه لا عدد لها قلت إن قوله لا يدري ما هي يقتضي أن لها عددا ليس بصحيح لأنه لم يقل لا يدري عددها بل قال لا يدري ما هي وما هي أعم المطالب فيدخل فيه المتناهي وغير المتناهي وقوله ولو كانت لا عدد لها لعلم كل أحد أنه لا عدد لها عجب لأنه كيف يلزم من أنها لا عدد لها علم كل أحد بذلك فقد يعلمه بعض الناس دون بعض، والحاصل أن الأحقاب قيل محدودة وهو قول الزجاج القائل بأن " لا يذوقون صفة " وقيل غير محدودة وقيل الآية منسوخة بقوله تعالى (فلن نزيدكم إلا عذابا) ولا يستبعد النسخ في الأخبار ولا سيما مثل هذا فإن هذا مما يقبل التغيير وهو أمر مستقبل والأكثرون على أنها غير محدودة وأن المراد كلما مضى حقب جاء حقب فإن قلت: فما تقول فيما روي عن الحسن البصري أنه سئل عن هذه
(١٥٠)