وقع عنده بهذا اللفظ الثالث: (ابدؤوا)، وهو في نسختنا المخطوطة بلفظ الأول: (أبدأ)، وهي نسخة جيدة مقابلة ومصححة، فالظاهر أن نسخ (السنن الكبرى) في هذه اللفظة مختلفة، فيمكن أن يكون أولئك الحفاظ كانت نسختهم موافقة لنسخة ابن حزم من (السنن الكبرى)، أو أنهم اعتمدوا عليها في عزو اللفظ المذكور للنسائي. وسواء كان هذا أو ذاك، فلست أشك أن رواية ابن حزم شاذة لمخالفتها لجميع الطرق عن حاتم بن إسماعيل، وقد اتفقت جميعها على رواية الحديث باللفظ الأول كما تقدم.
نعم قد وجدت للفظ الثالث طريقين آخرين، لم أر من نبه عليهما أو أرشد إليهما من أولئك الحفاظ:
الأولى: عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد به.
أخرجه الدارقطني (269) والبيهقي (1 / 85).
والأخرى: عن سليمان بن بلال عن جعفر به.
أخرجه أحمد (3 / 394): حدثنا موسى بن داود حدثنا سليمان بن بلال.
قلت: وموسى بن داود - وهو الضبي - قال الحافظ في (التقريب):
(صدوق فقيه زاهد، له أوهام).
وأما سليمان بن بلال فثقة محتج به في الصحيحين، فيمكن أن يكون الضبي قد وهم عليه في هذا اللفظ، وإلا فهو الواهم. والعصمة لله.
وجملة القول: إن هذا اللفظ: (ابدؤوا) شاذ لا يثبت لتفرد الثوري وسليمان به، مخالفين فيه سائر الثقات الذين سبق ذكرهم وهم سبعة، وقد قالوا: (نبدأ). فهو الصواب، ولا يمكن القول بتصحيح اللفظ الاخر لان الحديث واحد، وتكلم به (ص) مرة واحدة عند صعوده على الصفا، فلا بد من الترجيح، وهو ما ذكرنا. وقد أشار إلى ذلك العلامة ابن دقيق العيد في (الالمام بأحاديث الاحكام) (رقم 56) بعد أن ذكر هذا اللفظ من رواية النسائي: