خارق للعادة، ويمتد من نهار قوم آخرين ما لم يكن ممتدا. ولا يجوز أن يخفى على أهل البلاد غروبها ثم عودها طالعة بعد الغروب، وكانت الأخبار تنتشر بذلك، ويؤرخ هذا الحادث العظيم في التواريخ، ويكون أهم وأعظم من الطوفان.
قلنا: قد دلت الأدلة الصحيحة الواضحة على أن الفلك وما فيه من شمس وقمر ونجوم غير متحرك بنفسه، ولا بطبيعته على ما يهذي به القوم، وإن الله تعالى هو المحرك له والمصرف باختياره. ولقد استقصينا الحجج على ذلك في كثير من كتبنا، وليس هذا موضع ذكره.
وأما علم المشرق والمغرب والسهل والجبل بذلك - على ما مضى في السؤال - فغير واجب، لأنا لا نحتاج إلى القول بأنها ردت من وقت الغروب إلى وقت الزوال، أو ما يقاربه على ما مضى في السؤال، بل نقول: إن وقت الفضل في صلاة العصر هو ما يلي بلا فصل، زمان أداء المصلي لفرض الظهر أربع ركعات عقيب الزوال، وكل زمان - وإن قصر وقل - يجاوز هذا الوقت، فذلك الوقت فائت.
وإذا ردت الشمس هذا القدر اليسير، الذي يفرض أنه مقدار ما يؤدي فيه ركعة واحدة، خفي على أهل الشرق والغرب ولم يشعر به، بل هو مما يجوز أن يخفى على من حضر الحال، وشاهدها إن لم يمعن النظر فيها والتنقير عنها، فبطل السؤال على جواب الثاني المبني على فوت الفضيلة.
وأما الجواب الآخر المبني على أنها فاتت بغروبها للعذر الذي ذكرناه، فالسؤال أيضا باطل عنه، لأنه ليس بين مغيب قرص الشمس في الزمان وبين مغيب بعضها وظهور بعض، إلا زمان يسير قليل يخفى فيه رجوع الشمس، بعد مغيب جميع قرصها، إلى ظهور بعضه على كل قريب وبعيد. ولا يفطن إذا لم يعرف سبب ذلك بأنه على وجه خارق للعادة. ومن فطن بأن ضوء الشمس غاب