قلنا: غير منكر أن يكون صلى موميا وهو جالس لما تعذر عليه القيام إشفاقا من انزعاج النبي (صلى الله عليه وآله). وعلى هذا تكون فائدة رد الشمس ليصلي مستوفيا لأفعال الصلاة، وليكون أيضا فضيلة له ولآله على عظم شأنه.
(والجواب الآخر): إن الصلاة لم تنته بمعنى جميع وقتها، وإنما فاته ما فيها من الفضيلة والمزية من أول وقتها ويقوي هذا شيئان:
أحدهما: الرواية الأخرى في الشعر (حين تفوته)، لأن قوله (حين تفوت) صريح في أن الفوت لم يقع وإنما قارب وكاد.
والشئ الآخر قوله (وقد دنت للمغرب) وهذا أيضا يقتضي أنها لم تغرب وإنما دنت وقاربت الغروب.
فإن قيل: إذا كانت لم تنته فأي معنى للدعاء بردها حتى يصلي في الوقت وهو قد صلى فيه؟
قلنا: الفائدة في ردها ليدرك فضيلة الصلاة في أول وقتها، ثم ليكون ذلك دلالة على سمو محله وجلالة قدره في خرق العادة من أجله.
فإن قيل: إذا كان النبي صلى الله عليه وآله هو الداعي بردها له، فالعادة إنما خرقت للنبي صلى الله عليه وآله لا لغيره.
قلنا: إذا كان النبي إنما دعا بردها لأجل أمير المؤمنين عليه السلام ليدرك ما فاته من فضل الصلاة، فشرف انخراق العادة والفضيلة به منقسم بينهما.
فإن قيل: كيف يصح رد الشمس وأصحاب الهيئة والفلك يقولون إن ذلك محال لا تناله قدرة؟ وهبه كان جائزا في مذهب أهل الإسلام، أليس لوردت الشمس من وقت الغروب إلى وقت الزوال، لكان يجب أن يعلم أهل المشرق والمغرب بذلك؟ لأنها تبطئ بالطلوع على أهل البلاد، فيطول ليلهم على وجه