وأنشدك الله يا عائشة أتذكرين مرض رسول الله صلى الله عليه وآله الذي قبض فيه، فأتاك أبوك يعوده ومعه عمر، وقد كان علي بن أبي طالب يتعاهد ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله ونعله وخفه، ويصلح ما وهي منها. فدخل قبل ذلك، فأخذ نعل رسول الله صلى الله عليه وآله وهي حضرمية وهو يخصفها خلف البيت، فاستأذنا عليه فأذن لهما، فقالا: يا رسول الله كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أحمد الله تعالى. قالا: ما بد من الموت؟
قال صلى الله عليه وآله: لا بد منه. قالا: يا رسول الله فهل استخلفت أحدا؟ فقال: ما خليفتي (فيكم) إلا خاصف النعل، فخرجا فمرا على علي (ع) وهو يخصف النعل.
كل ذلك تعرفينه يا عائشة وتشهدين عليه لأنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قالت أم سلمة: يا عائشة أنا أخرج على علي بعد هذا الذي سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فرجعت عائشة إلى منزلها فقالت: يا بن الزبير أبلغهما أني لست بخارجة بعد الذي سمعته من أم سلمة، فرجع فبلغهما. قال: فما انتصف الليل حتى سمعنا رغاء إبلها ترتحل، فارتحلت معهما.
ومن العجائب أن يكون مثل هذا الخبر الذي يتضمن النص بالخلافة، وكل فضيلة غريبة موجودة في الكتب للمخالفين وفيما يصححونه من روايتهم ويصنفونه من سيرتهم ولا يتبعونه، لكن القوم رووا ما سمعوا، وأودعوا كتبهم ما حفظوا ونقلوا ولم يتخيروا ويتبينوا ما وافق مذهبهم دون ما خالفهم، وهكذا يفعل المسترسل المستسلم للحق.
وروى نصر بن مزاحم المنقري: إن القوم لما خرجوا من مكة يريدون البصرة فبلغوا (ذات عرق) قام سعيد بن العاص فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر عثمان فترحم عليه ودعا له، (ثم) قال: وقد زعمتم أيها الناس أنكم تخرجون لتطالبوا بدم عثمان، فإن كنتم ذلك تريدون فإن قتلة عثمان على صدور هذه المطي وأعجازها، فميلوا عليهم بأسيافكم، وإلا فانصرفوا إلى منازلكم ولا تقتلوا في طاعة المخلوقين أنفسكم،