من المسلمين، وقتل أحدهما الآخر، ثم هو يريد اللحاق بأهله (كذا)، فسمعه ابن جرموز، فخرج هو ورجلان معه، وقد كان لحق بالزبير رجل من كلب ومعه غلامه فلما أشرف ابن جرموز وصاحباه على الزبير حرك الرجلان رواحلهما فخلفا الزبير وحده، فقال لهما الزبير: ما لكما؟ هم ثلاثة ونحن ثلاثة. فلما أقبل ابن جرموز قال له الزبير: إليك عني. فقال ابن جرموز: يا أبا عبد الله، إنني جئت أسألك عن أمور الناس. فقال: تركت الناس على الركب يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف. فقال ابن جرموز: أخبرني عن أشياء أسألك عنها قال: أخبرني عن خذلك لعثمان وعن بيعتك عليا وعن نقضك بيعته وإخراجك أم المؤمنين، وعن صلاتك خلف ابنك، وعن هذه الحرب التي جنيتها، وعن لحوقك بأهلك؟
فقال: أما خذلي لعثمان فأمر قدم فيه الذنب وأخر فيه التوبة. وأما بيعتي عليا فلم أجد منها بدا، إذ بايعه المهاجرون والأنصار. وأما نقضي بيعته فإنما بايعته بيدي دون قلبي. وأما إخراجي أم المؤمنين فأردنا أمرا وأراد الله غيره، وأما صلاتي خلف ابني فإن خالته قدمته. فتنحى ابن جرموز وقال: قتلني الله إن لم أقتلك [ثم جرى في قتله ما قد سطر].
وذكر في هذا الحديث مواضع تدل على أن انصرافه لم يكن للتوبة، منها قوله (مالي في هذا الأمر بصيرة)، وهذا قول شاك غير مستبصر، والتوبة لا تكون مع عدم الاستبصار واليقين بالمعصية. ومنها أنه قال لابنه (قم بأمر الناس)، فكيف يتوب من المعصية من يستخلف عليها؟ ومنها تصريحه بأنه بايع أمير المؤمنين بلسانه وأنه كان مبطنا للبغي عليه والغدر به، وأنه أراد أمرا وأراد الله غيره. فأي توبة تكون بالانصراف؟ وهذا كلام كله دال على خلاف التوبة، وإنما كان بعد الانصراف وقد كان ينبغي لما اعترف في محاورة ابن جرموز. التوبة أن يعترف