فإن قيل: إنما حمل الرسالة حتى يؤدي، فيجب أن يقطع ثبوت الأول.
قيل له: إن من سلك هذه الطريقة يقول: إنما حملها لكي يؤدي إن بقي على صفات المكلف، ولا يطلق إلا ما أوردت إطلاقا، كما يقول في رد الوديعة عند المطالبة إنه مكلف ذلك إن بقي متمكنا، وإن لم يتمكن لم يجب إلا أن يكون مكلفا في الأول على الشرط الذي ذكرناه.
فإن قيل: الغرض فيما يفعله من مقدمات الوديعة وصولها إلى [.] (1)، فالغرض بتحمل الرسالة العزم على تأديتها إلى من بعث الرسول إليه.
جواب آخر:
إذا قلنا أنه يعلم [.] (1) الرسالة فلا يجب بذلك الاغراء، لأن الاغراء يختلف باختلاف المكلفين، فمن علم من [.] (1) على الطاعة لكونه معصوما والعلم بحاله في إيثاره التمسك بما يلزمه فعله بذلك لا يكون [.] (1) من حاله خلاف ذلك يكون إغراء في حقه، فتختلف أحوال المكلفين بحسب المعلوم من أحوالهم، فلا يجب [.] (1) قدروه من الفساد.
ولمن حكم بأن في المعاصي صغائر أن يفرق بين العلم بصغير المعصية والعلم [.] (1) أن يقول: العلم بصغير المعصية يقتضي أن لا يستضر بفعلها ضررا يعتقد بمثله مع ما له فيها من الشهوة، فيكون ذلك إغراء. وكذلك القول في تعريف القرآن.
وليس كذلك إذا علم أنه سيبقى يجوز معه ألا يختار التوبة، فالمخالفة قائمة من الإقدام على المعاصي، فلذلك جاز أن تختلف أحوال المكلفين فيه.