وليس بمكلف لغيره فيلزمه الطاعة. فصار هذا الوجه خاصة يختص بالقديم تعالى من الوجوه المشتركة بيننا وبين القديم تعالى.
فعلم الألم بوجه الاستحقاق، فإن الله تعالى يعاقب العصاة ويؤلمهم لهذا الوجه كما يرم العاصي (2) وإن عمه ذلك [.] (3) لهذا الوجه، فصار هذا الوجه مشتركا والأول خاصا به تعالى. فأما باقي الوجوه التي ذكرناها فنختص نحن بها دونه، فلا يصح دخول شئ منها فيما يدخله تعالى من الآلام.
أما الظن فيستحيل عليه تعالى لأنه عالم لنفسه.
وأما فعل الألم لدفع الضرر فإنما يحسن منا إذا كنا لا نتمكن من دفعه إلا به، ولهذا لا يحسن أن يخرج الغريق من الغمرة بأن يكسر يده إلا إذا لم يتمكن من إخراجه إلا كذلك، فإن تمكنا من إخراجه بغير كسر يده فأخرجناه كا [.] (3) من يده ضمنا كسر يده. ولما كان القديم تعالى قادرا على دفع كل ضرر قل أم كثر من غير أن يفعل شيئا من الآلام ارتفع هذا الوجه أيضا من جملة أفعاله.
وأما فعل الآلام فلا يحسن إلا إذا كان لا يوصل إلى النفع إلا به، ولهذا لا يحسن منا أن نتعب نفوسنا في طلب الأرباح ونحن نقدر على الوصول إليها من غير ألم ولا تعب. ولما كان القديم تعالى قادرا على إيصال [.] (3) يريد إيصاله من المنافع من غير مقدمة ألم لم يحسن منه أن يؤلم لإيصال النفع. فلذا قلنا: إن الاعتبار هو المقصود والنفع تابع.
فصار المحصل من هذه الجملة التي ذكرناها أن الوجوه التي يقع عليها الألم فيخرج من أن يكون ظلما فيها مشتركة بين القديم تعالى وبيننا وهو الاستحقاق فقط، ومنها ما يختصه تعالى وهو الاعتبار، ومنها ما يختصنا وهو باقي الوجوه من فعله