فالجواب: أنا إذا علمنا كون هذه الأفعال - أعني الشرعيات - واجبة علمنا أن لها وجها (1) ومناسبة بين ما هي لطف وإن لم يتعين لنا وجه المناسبة، غير أنهم قد بينوا ما يمكن أن يكون وجها على طريق الاستظهار [.] (2) وقالوا:
إنه يمكن أن يكون الوجه أن في الشرعيات من ذكر الله تعالى والرجوع إليه والتمسك بطاعته وتوطين النفس عليها، مثل الذي يجب على المكلف في التكليف العقلي أن يفعله، فإذا عزم على هذا الفعل ووطن نفسه على الاستكثار وسارع إلى مثله في العقليات.
والوجه الثاني في هذه الأفعال من تحمل المشقة على وجوه مخصوصة مثل ما في تلك الأفعال.
وهذا يسقط استبعاد من يستبعد كونها تصلح في العقليات، وقالوا: أنا لا نقطع على أنها مصلحة لأي وجه من هذين الوجهين. وإنما أوردنا ليزيل ما يتوهم ويستبعد من المناسبة.
وبينوا: أن الطريقة في ذلك كالطريقة في الآلام والغموم والمعالجات، وذلك أن من نزلت به الآلام فتلف لها وطلب التخلص منها بالمكاره والعلاج واحتمى من الملاق (3) طلبا للسلامة منها يكون أقرب إلى مفارقة المعاصي وفعل الطاعات وتحمل المشقة فيها، ليتخلص من العقاب الدائم ويستحق الثواب الدائم.
ثم لم يجز أن يعرف التفصيل في ذلك، ولا أن يقطع على أن هذا هو الوجه دون غيره. وبينوا ذلك أيضا بأن الإنسان إذا قارف ذنبا وجب عليه التوبة منه، قد