قيل لهم: ومن المتكلم بها.
فإن قالوا: القديم تعالى.
قيل لهم: يجوز أن يوصف بأنه متكلم من وجهين: من صفات ذاته، ومن صفات فعله.
فإن قالوا: نعم.
قيل لهم: فما أنكرتم أن يكون صادقا من صفات ذاته كاذبا من صفات فعله.
فإن قالوا: لو لزمنا هذا للزمكم أن يكون عالما لنفسه جاهلا بجهل محدث.
قيل لهم: لو قلنا إن أحدنا أن يكون عالما بعلم يفعله مع كونه عالما لنفسه للزمنا ما ألزمناكم، لكنا نجيز ذلك (1) وأنتم قد أجزتموه في الكلام، فما الفصل؟
فإن قالوا: إن المتكلم بهذه الحكاية غير الله.
قيل لهم: فما أنكرتم أن ذلك الغير هو الكاذب دون الله، فلم قلتم أن يكون القديم صادقا لذاته يوجب أن يكون ذلك الغير صادقا في كلامه.
فإذا قالوا: لأنه حكاية لكلامه (2) بخبر الحاكي أو بأن سمعتم كلام الله، فإن كنتم سمعتم كلام الله تعالى وليس هو هذا، فأسمعونا إياه وعرفونا أين هو وممن سمعتوه، وإن كنتم إنما سمعتم كلام الحاكي وإضافته إياه إلى الله فلم زعمتم أن ذلك الحاكي قد صدق على قوله إن هذا المسموع منه حكاية كلام الله. فلا يجدون في ذلك شغبا.
ثم يقال لهم: إن الحكاية للكلام إنما يكون بإيراد مثله أو بذكر معانيه،