في غيره، لأن الصدق من صفات ذاته.
فيقال لهم: أليس قد ثبت أنه صادق في بعض ما يصح أن يكون صادقا عنه دون بعض، ولا يجوز أن يكون عالما ببعض ما يصح أن يكون عالما به ولا قادرا على بعض ما يصح أن يكون قادرا عليه دون بعض.
فإن قالوا: بلى.
قيل لهم: فما أنكرتم أن كان يكون كاذبا في بعض ما يصح أن يكون صادقا عنه وإن لم يجب أن يكون جاهلا ببعض ما يصح أن يكون عالما به ولا قادرا على بعض ما يصح أن يكون قادرا عليه.
فإذا قالوا: هو صادق في جميع ما يصح أن يكون صادقا عنه إلا أنه لم يحك ذلك لنا أو لم يفهمناه.
يقال لهم: خبرونا عن هذه الحكاية والافهام أليسا من صفات فعله ولا من صفات ذاته.
فإذا قالوا: بلى.
قيل لهم: أهي في نفسها كلام وأخبار.
فإن قالوا: لا.
قيل: فكيف تعلمون أن الله تعالى قد صدق في شئ، وما يعني ذلك وما سمعتم كلامه وإنما تعلمون عقلا أنه لم يزل متكلما انتفى الخرس والسكوت عنه على ما يدعون ذلك الخرس والسكوت قد ينتفيان بالكذب كما ينتفيان بالصدق وبغير ذلك من ضروب الكلام. فلم قلتم إنه صادق ولم تسمعوا كلاما صدقا ولا كذبا، وما يدريكم لعله كاذب لنفسه أو الكذب من صفات ذاته.
فإن قالوا: هذه الحكاية نفسها كلام.