مضت في سواد الشعر أولى بطالتي * فدعني يصاحب وخط شيبي أخيرها المناقل المراحل، ووجدت الآمدي يفسر البيت الأول من هذه القطعة فيقول:
أراد أن الأيام زادتني شيئا من غبطة العيش اجتمعت مع الليالي على انتقاصه وارتجاعه.
وغير هذا التأويل الذي ذكره أولى منه، وهو أن يكون المراد أن الأيام إذا زادتني غبطة في العيش نقصني ذلك مرورها، ويريد بقوله (نقص الليالي) كما تنقص الأيام من الليالي، لأن الأيام تأخذ الليالي وتنقصها. وهذا التأويل أشبه بالصواب من تأويله.
فإن قيل: كما تأخذ الأيام من الليالي كذلك الليالي تأخذ من الأيام وتنقصها.
قلنا: هذا صحيح، ولو قال قائل في غير هذا الموضع في من نقص وثلم إنه منقوص النقص في هذا نقص الليالي من الأيام لجاز، وإنما أضاف النقص في هذا الموضع إلى مرور الأيام، لأنه أضاف الزيادة إليها وشبه نقصها له بنقصها لليالي.
وله أيضا:
كلف يكفكف عبرة مهراقة * أسفا على عهد الشباب وما انقضى عدد تكامل للذهاب مجيئه * وإذا مجئ الشيب حان فقد مضى خفض عليك من الهموم فإنما * يحظى براحة دهره من خفضا قال الآمدي في قوله (وما انقضى) إنه أراد وانقضائه، لأن ما والفعل بمنزلة المصدر، مثل قولك (سرني ما عمل زيد) أي سرني عمله.
ثم قال: ويجوز أن يكون أراد بقوله (وما انقضى) أي لم ينقض بعد.