بالغبار في اللون أضافاه من وقائع الدهر وركض السنين إلى سبب لهذا الغبار وموجب، فعماده على كل حال سبب، وأبو الجنوب حصل على تشبيه اللون المحض الصرف، فزيادتهما عليه غير مجهولة.
ولي ما فيه بعض الشبه بما ذكرناه لكنه في وصف الإبل، وهو:
ويهززن عن داعي المراح مفارقا * بلا شمط إلا بياض غبار فهذا البيت تضمن تشبيه بياض الغبار بالشمط، ولهذا حسن استثناؤه من الشمط من حيث أشبهه وإن لم يكن من جنسه. وما تقدم لأخي رضي الله عنه ولابن المعتز فيه تشبيه الشيب وبياضه بالغبار، والمعنى يتقارب، لأن الشئ إذا أشبه غيره فذلك الغير مشبه له.
وأقسم قسما برة إني لما نظمت هذا البيت في وصف الإبل ما كنت سمعت قبله من أحد في نظم ولا نثر تشبيه الشيب بالغبار، وإنما اتفق على سبيل التوارد لأن تشبيه هذا بذلك أمر مشاهد يجوز أن يقع لمن فكر من غير اتباع منه لغيره، ولهذا أنكر أبدا على من تقدم من العلماء فيقول أخذ فلان من فلان إذا وقفوا على متشابه بين معانيه.
وله من جملة قصيدة:
عقيب شباب المرء شيب يخصه * إذا طال عمرا أو فناء يعمه طليعة شيب خلفها فيلق الردى * برأسي له نقع وبالقلب كلمه قوله " برأسي له نقع " مثل قوله " غبار حروب الدهر " وما ذكرناه من نظائره.