والاجماع، وكأن السر فيه أن الهبات تشتمل على المنة، فلا يجب قبولها إلا ما أريد به خصوص الصرف في الحج فإنه أريد به وجه الله خاصة. وقد يقال بوجوب القبول إذا وجب البذل، وقد يقال بوجوبه إذا وجب عينا لا تخييرا، حتى لو نذر أو أوصى به لمن يحج مطلقا فبذل له لم يجب القبول.
واعلم أن الدين لا ينفي الوجوب بالبذل كما ينفيه بايهاب ما لا يفي (1) به مع نفقة الحج والاياب والعيال.
وأن الحج بالبذل مجزئ عن حجة الاسلام كما يظهر من صحيح معاوية بن عمار (2) للأصل، واتفاق من عدا الصدوق على أن الحج إنما يجب - بأصل الشرع - في العمر مرة (3)، خلافا للاستبصار فأوجب فيه الإعادة إذا أيسر (4)، لخبر الفضل بن عبد الملك سأل الصادق (ع) عن رجل لم يكن له مال فحج به أناس من أصحابه أقضى حجة الاسلام؟ قال: نعم، فإن أيسر بعد ذلك فعليه أن يحج، قال:
قلت: هل يكون حجته تلك تامة أو ناقصة إذا لم يكن حج من ماله؟ قال: نعم قضى عنه حجة الاسلام وتكون تامة ليست بناقصة، وإن أيسر فليحج (5).
وحمل في التهذيب (6) والنهاية (7) والمهذب (8) والجامع (9) والمعتبر (10) وغيرها على الاستحباب، ويحتمل الحج عن غيره وعدم بذل الاستطاعة، فإن الحج به إنما يستلزم استصحابه وإرساله في الحج، وهو أعم، ولا يأبى عنه تسمية حجة الاسلام.
وأما الثاني والثالث - أعني إذا استؤجر بالاستطاعة أو بشرطها فقبل -: