وفي الذكرى: هذا تحكم محض، لأن الذكاة إن صدقت فيه أخرجته عن الميتة، وإلا لم يجز الانتفاع، ولأن تمامية الاستعداد عنده بكونه مأكول اللحم، فيتخلف عند انتفاء أكل لحمه، فليسند المنع من الصلاة فيه إلى عدم أكل لحمه من غير توسط نقص الذكاة فيه (1).
قلت: الجواب عن الأول أنهما يقولان: إن الميت والميتة في اللغة ما خرجت روحه، ثم الشرع فصل، فحكم في الانسان بعدم الانتفاع بجلده ذبح أم لا، وفي ذبح مأكول اللحم الانتفاع بجلده في الصلاة وغيرها إن ذبح، وعدمه فيهما إن لم يذبح، ولم يرد في الشرع في السباع إلا أنها إن ذبحت جاز الانتفاع بجلدها في غير الصلاة، فخرجت عن عموم النصوص الناهية عن الانتفاع بالميتة، ولا يجوز لنا الانتفاع بها في الصلاة، وإخراجها عن عموم النهي عن الصلاة في جلد الميتة، لأن حملها على غيرها قياس، ولا بعد في أن يحل الذبح فيها انتفاعا دون انتفاع، ولا يحكم في الاقتصار على مورد النص والكف عن القياس، وسواء في ذلك سمينا ذبحها ذكاة ولا نسميها إذا ذبحت ميتة أم لا.
فإن قال: لا يخلو المذبوح منها، إما ميتة فيعمها نصوص النهي عن الانتفاع بها أو لا، فلا يعمها نصوص النهي عن الصلاة في الميتة.
قلنا: ميتة خرجت عن النصوص الأولة بالنصوص المخصصة، ويؤيده حصر المحرمات في الآية (2) في الميتة والدم ولحم الخنزير، وخبر علي بن أبي حمزة أنه سأل الصادق عليه السلام عن لباس الفراء والصلاة فيها، فقال: لا تصل فيها إلا فيما كان منه ذكيا، قال: أوليس الذكي ما ذكي بالحديد؟ فقال: بلى إذا كان مما يؤكل لحمه (3).
وعن الثاني: إنهما إنما أرادا الاستدلال على بطلان الصلاة في جلود السباع