الاستقبال في شدة الخوف، لاشتراك الجميع فيما ذكرنا، فكما أن كل جهة من الكعبة قبلة، فكذا قبلة كل مجتهد ما أداه إليه اجتهاده، فكما تصح صلاة كل ممن حول الكعبة قطعا للاستقبال تصح صلوات هؤلاء قطعا، وكما يقطع بصحة صلوات المصلين في شدة الخوف للاستقبال أو لعدم اشتراطه في حقهم، فكذا صلوات هؤلاء، ولا يضر الافتراق بأن كل جهة من الكعبة قبلة على العموم. بخلاف ما أدى إليه الاجتهاد، فإنما هي قبلة لهذا المجتهد.
وكذا الكلام إذا علم أحدهما واجتهد الآخر وتخالفا ولكن لم أرهم ذكروه، واقتداء العالم أبعد، وإن كان الاختلاف في التيامن والتياسر، قال في التذكرة: لم يكن له الائتمام، لاختلافهما في جهة القبلة، وهو أحد وجهي الشافعي، وفي الثاني له ذلك لقلة الانحراف، وهما مبنيان على أن الواجب إصابة (1) العين أو الجهة (2). ونحوه نهاية الإحكام (3)، مع أنه حكم فيهما بأن القبلة للبعيد الجهة لا العين. ولذا قرب الشهيد جواز الاقتداء (4).
ولو كانا في ظلمة فصليا جماعة، فلما أصبحا علما الاختلاف، ففي قضاء المأموم تردد.
وفي التذكرة إن صلى جماعة في ظلمة بالاجتهاد ثم أصبحوا فعلموا اختلافهم ولم يعلموا جهة الإمام، فالوجه صحة صلاتهم إذا لم يعلم أحد منهم مخالفته الإمام (5).
وفي الذكرى: إن الأقرب أنه إن كانت الصلاة مغنية عن القضاء بأن لم يكن في الجهات استدبار، أو قلنا: إنه لا يوجب القضاء، فصلاتهم صحيحة، والتخالف