عنها، واعتراض المرتضى في " الشافي " على قاضي القضاة، ونذكر ما عندنا في ذلك ثم نذكر مطاعن أخرى لم يذكرها قاضي القضاة.
* * * [الطعن الأول] قال قاضي القضاة بعد أن ذكر ما طعن به فيه في أمر فدك، وقد سبق القول فيه.
ومما طعن به عليه قولهم: كيف يصلح للإمامة من يخبر عن نفسه أن له شيطانا يعتريه ومن يحذر الناس نفسه، ومن يقول: " أقيلوني " بعد دخوله في الإمامة، مع أنه لا يحل للامام أن يقول: أقيلوني البيعة!
أجاب قاضي القضاة فقال: إن شيخنا أبا على قال: لو كان ذلك نقصا فيه لكان قول الله في آدم وحواء: ﴿فوسوس لهما الشيطان﴾ (١)، وقوله: ﴿فأزلهما الشيطان﴾ (٢)، وقوله: ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنبته﴾ (3)، يوجب النقص في الأنبياء، وإذا لم يجب ذلك، فكذلك ما وصف به أبو بكر نفسه، وإنما أراد أنه عند الغضب يشفق من المعصية ويحذر منها، ويخاف أن يكون الشيطان يعتريه في تلك الحال فيوسوس إليه، وذلك منه على طريقه الزجر لنفسه عن المعاصي، وقد روى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه ترك مخاصمة الناس في حقوقه إشفاقا من المعصية، وكان يولى ذلك عقيلا، فلما أسن عقيل كان يوليها عبد الله بن جعفر. فأما ما روى في إقالة البيعة فهو خبر ضعيف، وإن صح فالمراد به التنبيه على أنه لا يبالي لأمر يرجع إليه أن يقيله الناس البيعة، وإنما يضرون بذلك أنفسهم، وكأنه نبه بذلك .