قال عبد الملك لحاجبه: إنك عين أنظر بها، وجنة أستلئم بها، وقد وليتك ما وراء بأبي، فماذا تراك صانعا برعيتي؟ قال: أنظر إليهم بعينك، وأحملهم على قدر منازلهم عندك، وأضعهم في إبطائهم عن بابك، ولزوم خدمتك مواضع استحقاقهم، وأرتبهم حيث وضعهم ترتيبك، وأحسن إبلاغهم عنك وإبلاغك عنهم. قال: لقد وفيت بما عليك، ولكن إن صدقت ذلك بفعلك. وقال دعبل وقد حجب عن باب مالك بن طوق:
لعمري لئن حجبتني العبيد * لما حجبت دونك القافيه (1) سأرمي بها من وراء الحجاب * شنعاء تأتيك بالداهية تصم السميع، وتعمي البصير * ويسأل من مثلها العافية وقال آخر:
سأترك هذا الباب ما دام اذنه * على ما أرى حتى يلين قليلا فما خاب من لم يأته مترفعا * ولا فاز من قد رام فيه دخولا إذا لم نجد للاذن عندك موضعا * وجدنا إلى ترك المجئ سبيلا.
وكتب أبو العتاهية إلى أحمد بن يوسف الكاتب وقد حجبه:
وإن عدت بعد اليوم إني لظالم * سأصرف وجهي حيث تبغى المكارم متى يفلح الغادي إليك لحاجة * ونصفك محجوب، نصفك نائم!
يعنى ليله ونهاره.
استأذن رجلان على معاوية، فأذن لأحدهما - وكان أشرف منزلة من الاخر - ثم أذن للآخر فدخل، فجلس فوق الأول، فقال معاوية: إن الله قد ألزمنا تأديبكم .