قال الواقدي: وقالت قريش لأبي سفيان: ما صنعت؟ وما وراءك؟ وهل جئتنا بكتاب من محمد وزيادة في المدة؟ فإنا لا نأمن من أن يغزونا، فقال: والله لقد أبى على، ولقد كلمت عليه أصحابه فما قدرت على شئ منهم، ورموني بكلمة منهم واحدة إلا أن عليا قال لما ضاقت بي الأمور: أنت سيد كنانة، فأجر بين الناس، فناديت بالجوار، ثم دخلت على محمد فقلت: إني قد أجرت بين الناس، وما أظن محمدا يرد جواري، فقال محمد: أنت تقول ذاك يا أبا سفيان! لم يزد على ذلك قالوا: ما زاد على على أن يلعب بك تلعبا، قال فوالله ما وجدت غير ذلك.
قال الواقدي: فحدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، قال: لما خرج أبو سفيان عن المدينة قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعائشة جهزينا وأخفى أمرك. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم خذ عن قريش الاخبار والعيون حتى نأتيهم بغتة وروى أنه قال: اللهم خذ على أبصارهم فلا يروني إلا بغتة ولا يسمعون بي إلا فجأة. قال: وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأنقاب وجعل عليها الرجال، ومنع من يخرج من المدينة، فدخل أبو بكر على عائشة وهي تجهز رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، تعمل له قمحا سويقا ودقيقا، وتمرا فقال لها: أهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغزو؟ قالت: لا أدرى، قال: إن كان هم بسفر فآذنينا نتهيأ له، قالت:
لا أدرى لعله أراد بنى سليم، لعله أراد ثقيفا أو هوازن! فاستعجمت (1) عليه، فدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، أردت سفرا؟ قال: نعم، قال:
أفأتجهز؟ قال: نعم، قال: وأين تريد؟ قال: قريشا، وأخف ذلك يا أبا بكر، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الناس فتجهزوا. وطوى عنهم الوجه الذي يريد، وقال له أبو بكر: يا رسول الله، أو ليس بيننا وبينهم مدة؟ فقال: إنهم غدروا ونقضوا العهد،