ألا يفعل، وليس أحد يستطيع أن يكلمه في شئ يكرهه، قال أبو سفيان: فما الرأي عندك فتشير لأمري، فإنه قد ضاق على؟ فمرني بأمر ترى أنه نافعي، قال على (عليه السلام) : والله ما أجد لك شيئا مثل أن تقوم فتجير بين الناس، فإنك سيد كنانة قال: أترى ذلك مغنيا عنى شيئا؟ قال على: إني لا أظن ذلك والله، ولكني لا أجد لك غيره. فقام أبو سفيان بين ظهري الناس فصاح: ألا إني قد أجرت بين الناس، ولا أظن محمدا (1) يحقرني. ثم دحل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد ما أظن أن ترد جواري! فقال (عليه السلام): أنت تقول ذلك يا أبا سفيان! ويقال: إنه لما صاح لم يأت النبي (صلى الله عليه وآله) وركب راحلته وانطلق إلى مكة، ويروى أنه أيضا أتى سعد بن عبادة فكلمه في ذلك: وقال يا أبا ثابت، قد عرفت الذي كان بيني وبينك، وإني كنت لك في حرمنا جارا، وكنت لي بيثرب مثل ذلك، وأنت سيد هذه المدرة، فأجر بين الناس، وزدني في المدة. فقال سعد: جواري جوار رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ما يجير أحد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلما انطلق أبو سفيان إلى مكة، وقد كان طالت غيبته عن قريش وأبطأ، فاتهموه وقالوا: نراه قد صبا واتبع محمدا سرا، وكتم إسلامه، فلما دخل على هند ليلا قالت: قد احتبست حتى اتهمك قومك، فإن كنت جئتهم بنجح فأنت الرجل. وقد كان دنا منها ليغشاها، فأخبرها الخبر وقال: لم أجد إلا ما قال لي على، فضربت برجلها في صدوره وقالت: قبحت من رسول قوم.
قال الواقدي: فحدثني عبد الله بن عثمان، عن أبي سليمان، عن أبيه، قال: لما أصبح أبو سفيان حلق رأسه عند الصنمين: أساف ونائلة، وذبح لهما، وجعل يمسح بالدم رؤوسهما، ويقول: لا أفارق عبادتكما حتى أموت على ما مات عليه أبى. قال: فعل ذلك ليبرئ نفسه مما اتهمته قريش به