ولم أغب عنه، لا يحمل هذا إلا على، ولا والله ما شوورت ولا هونت (1) حيث بلغني، والله ليغزونا محمد إن صدق ظني وهو صادق، وما لي بد أن آتي محمدا فأكلمه أن يزيد في الهدنة ويجدد العهد قبل أن يبلغه هذا الامر. قالت قريش: قد والله أصبت، وندمت قريش على ما صنعت بخزاعة وعرفت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابد أن يغزوها فخرج أبو سفيان وخرج معه مولى له على راحلتين، وأسرع السير وهو يرى أنه أول من خرج من مكة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
قال الواقدي: وقد روى الخبر على وجه آخر، وهو أنه لما قدم ركب خزاعة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبروه بمن قتل منهم، قال لهم: بمن تهمتكم وطلبتكم؟
قالوا: بنو بكر بن عبد مناة قال: كلها؟ قالوا: لا، ولكن تهمتنا بنو نفاثة قصرة (2)، ورأسهم نوفل بن معاوية النفاثي، فقال: هذا بطن من بكر، فأنا باعث إلى أهل مكة فسائلهم عن هذا الامر، ومخيرهم في خصال. فبعث إليهم ضمره يخيرهم بين إحدى خلال ثلاث: بين أن يدوا خزاعة، أو يبرأوا من حلف نفاثة، أو ينبذ إليهم على سواء، فأتاهم ضمرة فخيرهم بين الخلال الثلاث، فقال قريظة بن عبد عمر الأعمى: أما أن ندى قتلى خزاعة، فإنا إن وديناهم لم يبق لنا سبد ولا لبد (3)، وأما أن نبرأ من حلف نفاثة، فإنه ليس قبيلة تحج هذا البيت أشد تعظيما له من نفاثة، وهم حلفاؤنا فلا نبرأ من حلفهم، ولكنا ننبذ إليه على سواء. فعاد ضمرة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك، وندمت قريش أن ردت ضمرة بما ردته به.
قال الواقدي: وقد روى غير ذلك، روى أن قريشا لما ندمت على قتل خزاعة وقالت: محمد غازينا، قال لهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح - وهو يومئذ كافر مرتد