فأنا غازيهم، فاطو ما ذكرت لك، فكان الناس بين ظان يظن أنه يريد سليما، وظان يظن أنه يريد هوازن، وظان يظن أنه يريد ثقيفا، وظان يظن أنه يريد الشام، وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا قتادة بن ربعي في نفر إلى بطن ليظن الناس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قدم أمامه أولئك الرجال لتوجهه إلى تلك الجهة، ولتذهب بذلك الاخبار.
قال الواقدي:: حدثني المنذر بن سعد، عن يزيد بن رومان، قال: لما أجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسير إلى قريش، وعلم بذلك من علم من الناس، كتب حاطب ابن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمرهم، وأعطى الكتاب امرأة من مزينة، وجعل لها على ذلك جعلا على أن تبلغه قريشا، فجعلت الكتاب في رأسها، ثم فتلت عليه قرونها وخرجت به، وأتى الخبر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) من السماء بما صنع حاطب، فبعث عليا (عليه السلام) والزبير فقال:
أدركا امرأة من مزينة قد كتب معها حاطب كتابا يحذر قريشا، فخرجا وأدركاها بذي الحليفة فاستنزلاها والتمسا الكتاب في رحلها فلم يجدا شيئا، فقالا لها:
نحلف بالله ما كذب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا كذبنا، ولتخرجن الكتاب أو لنكشفنك. فلما رأت منهما الجد حلت قرونها، واستخرجت الكتاب فدفعته إليهما فأقبلا به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فدعا حاطبا وقال له: ما حملك على هذا؟
فقال: يا رسول الله، والله إني لمسلم مؤمن بالله ورسوله، ما غيرت ولا بدلت، ولكني كنت أمرا ليس لي في القوم أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم أهل وولد، فصانعتهم.
فقال عمر: قاتلك الله ترى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأخذ بالأنقاب وتكتب إلى قريش تحذرهم! دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فإنه قد نافق، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)