قوتل، ولو لم يقاتل ما قاتل، فقال: قضاء الله خير، وأقبل ابن خطل مدججا في الحديد على فرس ذنوب (1) بيده قناة يقول: لا والله لا يدخلها عنوة حتى يرى ضربا كأفواه المزاد، فلما انتهى إلى الخندمة ورأي القتال دخله رعب حتى ما يستمسك من الرعدة، ومر هاربا حتى انتهى إلى الكعبة، فدخل بين أستارها بعد أن طرح سلاحه وترك فرسه، وأقبل حماس بن خالد الدؤلي منهزما حتى أتى بيته فدقه، ففتحت له امرأته فدخل، وقد ذهبت روحه، فقالت: أين الخادم التي وعدتني؟ ما زلت منتظرتك منذ اليوم، تسخر به، فقال: دعى هذا وأغلقي الباب، فإنه من أغلق بابه فهو آمن، قالت: ويحك! ألم أنهك عن قتال محمد! وقلت لك: إني ما رأيته يقاتلكم مرة إلا وظهر عليكم، وما بابنا؟ قال:
إنه لا يفتح على أحد بابه، ثم أنشدها (2):
إنك لو شهدتنا بالخندمه * إذ فر صفوان وفر عكرمة وأبو يزيد كالعجوز المؤتمه * وضربناهم بالسيوف المسلمة (3) لهم زئير خلفنا وغمغمه * لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه (4) قال الواقدي: وحدثني قدامة بن موسى، عن بشير مولى المازنيين عن جابر بن عبد الله، قال: كنت ممن لزم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يومئذ، فدخلت معه يوم الفتح من أذاخر، فلما أشرف نظر إلى بيوت مكة، فحمد الله وأثنى عليه، ونظر إلى موضع قبة بالأبطح تجاه شعب بني هاشم حيث حصر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأهله ثلاث