ثم أخذ في كلام طويل يبحث فيه عن الصفة والمعنى، ويبطل مذهب الأشعرية بما يقوله المتكلمون من أصحابنا، وأخذ في توحيد الصفة لم جاء؟ وكيف يدل نفي الصفة الواحدة على نفي مطلق الصفات؟ وانتقل من ذلك إلى الكلام في الصفة الخامسة التي أثبتها أبو هاشم (1)، ثم خرج إلى مذهب أبي الحسين (2)، وأطال جدا فيما لا حاجة إليه (3).
* * * ولقائل أن يقول: الامر أسهل مما تظن، فإنا قد بينا أن مراده نفي الإحاطة بكنهه، وأيضا يمكن أن يجعل الصفة هاهنا قول الواصف، فيكون المعنى: لا ينتهي الواصف إلى حد إلا وهو قاصر عن النعت لجلالته وعظمته جلت قدرته!.
فأما القضيتان اللتان سأله السائل عنهما فالصواب غير ما أجاب به فيهما، وهو أن القضية الأولى كفر، لأنها صريحة في إثبات الشريك، والثانية لا تقتضي ذلك، لأنه قد ينفي قول الشريك بصيرا على أحد وجهين، أما لان هناك شريكا لكنه غير بصير، لان الشريك غير موجود وإذا لم يكن موجودا لم يكن بصيرا، فإذا كان هذا الاعتبار الثاني مرادا لم يكن كفرا، وصار كالأثر المنقول: " كان مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله لا تؤثر هفواته "، أي لم يكن فيه هفوات فتؤثر وتحكى، (4 وليس أنه كان 4) المراد في مجلسه هفوات إلا أنها لم تؤثر.
* * * قال الراوندي: فأن قيل: تركيب هذه الجملة يدل على إنه تعالى فطر الخليقة قبل خلق السماوات والأرض.