وأيضا فإنها لفظ واحد مفرد معرف بلام الجنس، والأصل في مثل ذلك أن يفيد الجنسية المطلقة، ولا يفيد الاستغراق، فإن جاء منه شئ للاستغراق، كقوله: " إن الانسان لفي خسر " (1)، وأهلك الناس الدرهم والدينار، فمجاز، والحقيقة ما ذكرناه.
فأما قوله: البلوغ المشارفة: يقال: بلغت المكان إذا أشرفت عليه. فالأجود أن يقول قالوا: بلغت المكان، إذا شارفته، وبين قولنا: " شارفته "، و " أشرفت عليه " فرق.
وأما قوله: " وإذا لم يشرف على حمده بالقول فكيف يوصل إليه بالفعل! "، فكلام مبني على أن الحمد قد يكون بالفعل، وهو خلاف ما يقوله أرباب هذه الصناعة.
وقوله: والإله مصدر بمعنى المألوه، كلام طريف، أما أولا، فإنه ليس بمصدر، بل هو اسم كوجار للضبع، وسرار للشهر (2)، وهو اسم جنس كالرجل والفرس، يقع على كل معبود بحق أو باطل، ثم غلب على المعبود بالحق، كالنجم اسم لكل كوكب، ثم غلب على الثريا، والسنة: اسم لكل عام، ثم غلب على عام القحط. وأظنه رحمه الله لما رآه " فعالا " ظن أنه اسم مصدر كالحصاد والجذاذ وغيرهما. وأما ثانيا، فلان المألوه صيغة " مفعول " وليست صيغة مصدر إلا في ألفاظ نادرة، كقولهم: ليس له معقول ولا مجلود، ولم يسمع " مألوه " في اللغة، لأنه قد ألفاظ نادرة، كقولهم: ليس له معقول ولا مجلود، ولم يسمع " مألوه " في اللغة، لأنه قد جاء: أله الرجل إذا دهش وتحير، وهو فعل لازم لا يبنى منه مفعول.
* * * ثم قال الراوندي: وفي قول الله تعالى: " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها "، بلفظ الافراد. وقول أمير المؤمنين عليه السلام: " لا يحصي نعماءه العادون " بلفظ الجمع سر عجيب، لأنه تعالى أراد أن نعمة واحدة من نعمه لا يمكن العباد عد وجوه كونها نعمه. وأراد أمير المؤمنين عليه السلام أن أصول نعمه لا تحصى لكثرتها، فكيف تعد