الاحسان ": إن معناه أن إحسانه متقادم العهد، لا أنه قديم حقيقة، كما جاء في الكتاب العزيز: " حتى عاد كالعرجون القديم " (1)، أي الذي قد توالت عليه الأزمنة المتطاولة.
* * * ثم (2) قال الراوندي: والحمد والمدح يكونان بالقول وبالفعل، والألف واللام في " القائلون " لتعريف الجنس، كمثلهما في الحمد. والبلوغ المشارفة، يقال: بلغت المكان إذا أشرفت عليه، وإذا لم تشرف على حمده تعالى بالقول فكيف توصل إليه بالفعل!
والإله: مصدر بمعنى المألوه.
* * * ولقائل أن يقول: الذي سمعناه أن التعظيم يكون بالقول والفعل وبترك القول والفعل، قالوا: فمن قال لغيره: يا عالم فقد عظمه، ومن قام لغيره فقد عظمه، ومن ترك مد رجله بحضرة غيره فقد عظمه، ومن كف غرب لسانه عن غيره فقد عظمه. وكذلك الاستخفاف والإهانة تكون بالقول والفعل وبتركهما حسب ما قدمنا ذكره في التعظيم.
فأما الحمد والمدح فلا وجه لكونهما بالفعل، وأما قوله: أن اللام في " القائلون " لتعريف الجنس، كما أنها في الحمد كذلك فعجيب، لأنها للاستغراق في " القائلون " لا شبهة في ذلك كالمؤمنين والمشركين، ولا يتم المعنى إلا به، لأنه للمبالغة، بل الحق المحض أنه لا يبلغ مدحته كل القائلين بأسرهم. وجعل اللام للجنس ينقص عن هذا المعنى إن أراد بالجنس المعهود، وإن أراد الجنسية العامة، فلا نزاع بيننا وبينه، إلا أن قوله: " كما أنها في الحمد كذلك " يمنع من أن يحمل كلامه على المحمل الصحيح، لأنها ليست في الحمد للاستغراق، يبين ذلك أنها لو كانت للاستغراق لما جاز أن يحمد رسول الله صلى الله عليه وآله ولا غيره من الناس، وهذا باطل.