على ذلك، وليت فيكم مثله اثنان، يا ليت فيكم مثله واحد يرى في عدوكم مثل رأيه إذا لخفت (1) علي مؤونتكم، ورجوت أن يستقيم لي بعض أودكم.
وقد نهيتكم عما أتيتم فعصيتموني فكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوازن:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت * غويت وإن ترشد غزية أرشد ألا ترى أن رأي الأشتر كان قتالهم، فلما لم يقاتل معه أحد كف عنه.
فكذلك قد كان رأي علي قتالهم فلما اختلف أصحابه كف [عنهم اضطرارا ولكن حصن لهم حصون الدفاع ومهد لهم سبل الظفر والنجاح إذا أفاقوا من سكرتهم وانتبهوا من نومتهم] فرأي الأشتر لهذا موافق [لرأيه] نعرفه من الكف.
ولقد قال للناس يومئذ وعرفهم رأيه في كلام كثير يحكى عنه وقد ذكرنا بعضه.
وذكروا أنه قال لهم يوم تكلموا وطلبوا الموادعة: لقد فعلتم فعلة ضعضعت قوة وأسقطت منة، وأورثت وهنا وذلة، ولما كنتم الأعلين وخاف عدوكم الاجتياح واستحر بهم القتل ووجدوا ألم الجراح ورفعوا المصاحف ودعوكم إلى ما فيها فلفتوكم عنها ليقطعوا الحرب بينهم وبينكم، وتربصوا بكم ريب المنون خديعة ومكيدة. فما لبثتم أن جامعتموهم على ما أحبوا، وأجبتموهم إلى ما سألوا، وقد أعلمتكم ما يريدون فما لبثتم إلا أن تدهنوا وتجوروا.
وأيم الله ما أظنكم بعدها موافقين رشدا ولا مصيبين باب حزم.
والله لقد كنا مع النبي صلى الله عليه وآله نقتل آباءنا وأعمامنا وأبناءنا وإخواننا ثم ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما، ومضيا على أمض الألم وجد على جهاد العدو،